شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
وجوب مودة أولي القربى
...............................................................................
شيخ الإسلام يقول: ومودة القربى، مودتهم يعني: محبتهم، ولذلك قال الله تعالى: رسم> قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى قرآن> رسم> هذه الآية في سورة الشورى يخبر تعالى بأن عليهم مودة ذوي القربى يعني: قرابة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما جعل الله تعالى لذوي القربى حقا في الفيء، وفي خمس الخمس كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعطي ذوي القربى كلهم الذين هم بنو هاشم، وهم كثير قال الله تعالى: رسم> وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى قرآن> رسم> من هم ذوو القربى؟ .
هم أعمام النبي -صلى الله عليه وسلم- وبنو عمه، وأعمام أبيه، وبنو عم أبيه يعني: الذين هم ذرية عبد المطلب اسم> ممن آمن وذرية هاشم اسم> وكان أيضا يعطي بني المطلب اسم> .
وذلك لأنهم آووهم؛ ولأنهم ساعدوهم، وواسوهم لما أن قريش طلبوا من أبي طالب اسم> أن يمكنهم من قتل محمد اسم> في مكة اسم> فامتنع من ذلك، وحالوا دونه يعني: بنو هاشم اسم> حالوا دون النبي صلى الله عليه وسلم .
فعند ذلك حاصروهم في الشِّعب؛ في شعب بمكة اسم> ودخل معهم بنو المطلب؛ لأن المطلب اسم> أخو هاشم اسم> فبنو المطلب دخلوا معهم، ولم يدخل معهم إخوان المطلب أيضا، وهم بنو عبد شمس وبنو نوفل. قاطعهم قريش أكثر من سنتين، أو ثلاث لا يدخل إليهم طعام إلا بخفية، يريدون أن يسلموا إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقتلوه، فعند ذلك أبو طالب اسم> أنشأ قصيدته الطويلة اللامية وهو يقول فيها:
جزى الله عنا عبد شمس اسم> ونوفلا اسم> | عـقوبة شر عاجلا غير آجل |
بميزان قـسط لا يخيس شعيرة | له شاهد من نفسه غير عائل |
فالحاصل أن ذوي القربى هم بنو هاشم اسم> وكذلك أيضا بنو المطلب اسم> هؤلاء هم ذوو القربى؛ الذين جعل الله تعالى لهم حقا في الفيء في قوله تعالى: رسم> مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ قرآن> رسم> فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هؤلاء لهم حق في هذا الفيء، وفي خمس الغنيمة، وسماهم ذوي القربى وذلك لقرابتهم حازوا هذه القرابة من النبي -صلى الله عليه وسلم- فنحن نحبهم، ونقول: إن محبتهم وسيلة؛ فلذلك يقول شيخ الإسلام:
.............................. | ومودة الـقـربى بـهـا أتوسل |
فنحن نقول: إننا نشهد الله أننا نحب عليًّا اسم> -رضي الله عنه- ونحب فاطمة اسم> ونحب الحسن اسم> والحسين اسم> ونحب محمد بن عليّ اسم> الذي هو ابن الحنفية اسم> وكذلك أيضا نحب عبد الله بن جعفر اسم> ونحب إخوته، ونحب العباس اسم> ونحب ذريته، ومنهم عبد الله بن عباس اسم> ونحب بقية أقارب النبي صلى الله عليه وسلم .
ونرجو أن تكون هذه المحبة وسيلة لنا إلى الله تعالى، ونرجو أن نحشر في زمرتهم؛ وذلك لأن من أحب قوما حشر معهم .
فإذا كانوا كذلك فكيف مع ذلك لا نحبهم؟ وكيف نحب بعضهم دون بعض؟ وكيف يتهمنا الرافضة بأننا إذا أحببنا عليًّا اسم> لزم أن نبغض العباس اسم> هل العباس اسم> الذي هو عم عليّ اسم> هل هو عدو لعليّ اسم> ؟ ليس كذلك .
ولكنه لما لم يكن من ذرية عليّ اسم> -في زعمهم- لم يكن من ذوي القربى، فذوو القربى عندهم أربعة: عليّ اسم> وامرأته وولداه؛ اللذان هما الحسن اسم> والحسين. اسم> عليّ اسم> -رضي الله عنه- له نحو عشرين ولدا من ذكور وإناث، ومن جملتهم أم كلثوم اسم> التي هي بنت فاطمة اسم> .
فاطمة اسم> جاءت بثلاثة أبناء الحسن اسم> والحسين اسم> ومحسن اسم> ولكن الصغير منهم مات، وجاءت ببنت هي أم كلثوم اسم> بنت عليّ اسم> -رضي الله عنه- من فاطمة اسم> أين كانت؟ وما مصيرها؟ تزوجها عمر بن الخطاب اسم> الخليفة .
عليّ اسم> -رضي الله عنه- اختاره صهرا له، وقال: يا عمر اسم> لي الشرف أن أزوجك ابنتي التي هي بنت جدها النبي -صلى الله عليه وسلم- لي الشرف أن أزوجكها، وأن تكون صهرا لي، أليس ذلك دليلا على أنه يعترف بأن عمر اسم> يحبه الله ورسوله، يعترف بأن عمر اسم> خليفة راشد، يعترف بأن عمر اسم> له هذا الفضل الكبير؛ حيث زوجه ابنته التي هي ابنة فاطمة اسم> ؟ فأين يذهب الرافضة الذين يقولون: إن عمر اسم> كافر وإنه مرتد وأنه ليس من أولياء الله، وقد رضيه عليّ اسم> وزوجه بأخت الحسن اسم> وأخت الحسين اسم> كيف يحكمون بردته أو بكفره؟ .
مسألة>